فى المجمل يحرمه الاسلام واليك التفاصيل
مفهوم
كلمة الفوركس ووصفها:
كلمة
"الفوركسFOREX " هي اختصار من كلمتي "Foreign Exchange" ومعناهما: صرف العملات الأجنبية.
و"الفوركس
FOREX" منتج اقتصادي مالي ابتكره سماسرة العملات الأجنبية؛
لجذب
الأفراد الراغبين في استثمار أموالهم وتحقيق أرباح عالية إلى ممارسة
الاتجار
في العملات النقدية الدولية؛ حيث تتم المضاربة عن طريق شراء وبيع
العملات
الأساسية التي تحوز على الحصة الأساسية من العمليات في سوق صرف
العملات
الأجنبية "Foreign
Exchange Market"،
وهي عملات: الدولار الأمريكي
(USD) (العملة الأساسية)، واليورو (EUR)،
والجنية الإسترليني (GBP)،
والفرنك
السويسري (CHF)، والين الياباني (JPY). وتُستَخدَمُ في هذه
المعاملة
نظم الكترونية رقمية حديثة تُوظَّف من خلال شبكة الاتصالات
والمعلومات
العالمية (الإنترنت)، في سوق مفتوح طوال ساعات اليوم.
سمات
معاملة الفوركس المؤثرة في الحكم عليها:
أولًا:
من أهم سمات سوق صرف العملات الأجنبية التي تميزها عن غيرها من
الأسواق
المالية أنها أكثر هذه الأسواق مخاطرة على الإطلاق؛ حيث ترتفع نسبة
المخاطرة في المعاملات التي تجري فيها ارتفاعًا
يصعب معه -إن لم يكن
مستحيلا-
التنبؤ بالأسعار لأي عملة؛ نظرا للعديد من العوامل التي تؤثر في
سعر
العملة ارتفاعًا وهبوطًا؛ من مستوى التضخم، ومعدل الفائدة، ومستوى
الدخل،
والتوقعات، والقدرات الإنتاجية، وأذواق المستهلكين، والعوامل
السياسية،
وغيرها.
ثانيًا:
الأصل في معاملة الفوركس المضاربة بمعناها الاقتصادي المرتبط
بالمخاطرة؛
حيث إن محور الاتجار في العملات ينبني على ارتفاع أسعار العملات
المشتراة في مقابلة العملات الأخرى فتتكون بذلك
فُرَصُ الربح في البيع
والشراء.
ثالثًا:
من خلال تتبع الإعلانات الخاصة بمعاملة الفوركس على شبكة
المعلومات
الدولية (الإنترنت) وُجِدَ أن أغلب المُعلِنين الذين يقومون بجمع
الأموال من المستثمرين في معاملة الفوركس هم من
وكلاء السماسرة وليسوا
سماسرة
مباشرين.
رابعًا:
أن خسائر معاملة الفوركس يتعدى تأثيرها الاقتصادي حيز التأثير
على
مدخرات الأفراد المستثمرين في هذه المعاملة إلى اقتصاديات الدول؛ حيث
تقف
الدول عاجزة أمام الأضرار التي تقع على عملاتها من جراء هذه الخسائر،
ومن
أشهر هذه التجارب في هذا السياق: ما وقع في الثمانينيات في شرق آسيا.
خامسًا:
أن أغلب الشركات التي تمارس نشاط جمع الأموال من المستثمرين
للاتجار
في العملات الأجنبية في سوق صرفها تعمل تحت غطاء أنشطة أخرى؛ لأن
هذه
المعاملة غير مسموح بها في كثير من الدول. وقد تكون حاملة لترخيص من
دول
أخرى -كقبرص- غير الدول التي تمارس فيها هذه المعاملة، ولهذا أثر سلبي
كبير
على الحماية القانونية للمستثمرين من تجاوزِ السماسرة أو تعديهم أو
تقصيرهم.
سادسًا:
ما اطلعت عليه أمانة الفتوى من العقود التي تُبرَمُ بين
المستثمر
وشركات السمسرة العاملة في نشاط الفوركس تشتمل على شروط من شأنها
تحميلُ
المستثمر نتائجَ القرار الاستثماري كاملة.
سابعًا:
غياب القدرة على متابعة العمليات المنفَّذة لدى الكثير من
المستثمرين
في معاملة الفوركس؛ لكون هذه المعاملة تحتاج إلى المتابعة عبر
شاشات
عالية الأجرة بما لا يسمح للكثير بالاطلاع على سير المعاملات أولًا
بأولٍ،
ويعتمد على شاشات المحاكاة أو الناقلة للنتائج عبر الإنترنت.
الفوركس
عملية مركبة من أربعة عقود، وشروط العقود المركبة:
التحقيق:
أن معاملة الفوركس مركبة من أربعة عقود، وهي: عقدان جديدان:
أحدهما
من عقود السمسرة، وثانيهما من عقود التمويل، وعقدان قديمان من
العقود
المسماة في الفقه الموروث هما: رهن وبيع، وهذا العقد بهذا التركيب
من
العقود المستحدثة التي لم يرد ذكرها في الفقه الموروث.
والناظر
في تصرفات الفقهاء في العقود المركبة يرى أنهم استنبطوا من
خلال
استقراء الأدلة جملة من الضوابط الحاكمة لاجتماع العقود وتركيبها،
ويمكن
إجمالها في ما يلي:
أولاً:
ألا يكون اجتماع العقدين يؤول إلى محلٍّ منهيٍّ عنه:ويُقصَدُ
بهذا
الضابط: أنه يُشترَط في بقاء المعاملة أو النشاط الذي اجتمع فيه عقدان
ألا يؤدي هذا الاجتماع إلى وقوع محظور نهى
الشارع عنه؛ كالوقوع في النهي
عن
بيع وسلف المنهي عنه، ونهيه صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أبي هريرة
رضي
الله عنه عن بيعتين في بيعة. أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي
في "الجامع"
وصححه.
ثانيًا:
ألا يكون العقدان متضادين: ويقصد بذلك الضابط ألا يقع باجتماع
العقدين
الدخول في معاملة أو نشاط يجتمع فيه أحكام متناقضة ومتنافية لا
يمكن
معها الجمعُ بينهما، ومن ثمَّ لا يجوز اجتماعهما في عقد واحدـ.
ثالثًا:
ألَّا يكون اجتماع العقدين وسيلة لمحرم.
الحكم
على معاملة الفوركس:
إن
تركيب هذه العقود الأربعة يشتمل على الغرر والضرر، ويتمحض الأمر فيه
لمصلحة البنك أو السمسار لا مصلحة العميل، ويتضح
ذلك من جهتين:
1-أن اجتماع عقدي التمويل والرهن
بين العميل والبنك أو السمسار وإن بدا
في مصلحة العميل بزيادة الأموال التي يُضارِب له
بها البنك أو السمسار،
لكنه
في الحقيقة سبب من أسباب الغرر؛ لأن العميل سيتحمل من خلال هذه
الزيادة
ارتفاع احتمال الخسارة وحده دون البنك أو السمسار الذي قد استوثق
من
استرداد ما موَّل به عملية المضاربة لحساب العميل من خلال ما رهنه من
حساب
الهامش والمال المموَّل به وما يُشتَرَى بهما.
2-وكذلك فإن عقد التمويل مشروط
ببقاء قدر معين من حساب العميل، فإذا
قلَّ
هذا الحساب عن المقدار المحدد توقفت العملية؛ حرصًا على استحقاق البنك
أو السمسار للعِوَضِ عن العمل في السمسرة لحساب
العميل.
وعليه
فمعاملة الفوركس المركبة من العقود الأربعة السابق ذكرها قد
خالفت
ضابطين من هذه الضوابط؛ حيث جاءت هذه المعاملة مشتملةً على بيع ورهن
تواردا
على محل واحد، مع كون المرهون ليس له وجود حقيقيٌّ معتبرٌ حالَ
الرهن؛
فإن (المارجن) مالٌ افتراضيٌّ لا يحوزه العميل على الحقيقة ولا
يُضاف
إلى حسابه، وبهذا صارت الرافعة والعملات التي تتم مبادلتها في ذمة
العميل
ولا محل لها عند التعاقد، فصارت كالسلف؛ إذ قد تقرر أن الرهن في
معنى
السلف إذا لم يصادف محلًّا؛ قال الإمام أبو الوليد الباجي المالكي في
"المنتقى
شرح الموطأ" (5/251، ط. دار السعادة): [بقاء الرهن -بعد محله-
رهنًا:
كالسلف] اهـ.
وعليه
فالفوركس مشتملة على صورة مركَّبة منهي شرعًا عن اجتماع أفرادها.
ثم
إنها مشتملة أيضًا على الجمع بين عقدي البيع والسمسرة الذي هو في
معنى
القراض (المضاربة)، وقد منع المالكية كما ذكرنا من الجمع بينهما.
أسباب
تحريم معاملة الفوركس:
ولا
يحتج بما عليه التحقيق من جواز إحداث عقود جديدة من غير المسمّاة
في
الفقه الموروث: فإن ذلك الجواز مشروط بخلو العقود المستحدثة من الغرر
والضرر،
وهذه المعاملة قد تحقق فيها الغرر والضرر في أشد صورهما:
أما
الغرر: فقد اتفق الاقتصاديون وخبراء المال على أن معاملة الفوركس
قد
حوت أكبر قدر من الغرر في العقود المالية الحديثة على الإطلاق، وأنها
أصبحت
بذلك أشبه بالمقامرة التي تؤدي إلى الخراب المالي على مستوى الأفراد
والجماعات
والمؤسسات.
وأما
الضرر: فلما اشتملت عليه هذه المعاملة من ضرر بالغ يتمثل في إذعان
العميل بتحمله الكامل لنتائج هذه المعاملة شديدة
المخاطرة دون أدنى
مسؤولية
على البنك أو السمسار.
فهي
معاملة تشتمل على كثير من المخالفات الشرعية الأخرى؛ وأهمها:
1-جهالة العملاء الممارسين لهذه
المعاملة للقواعد المهنية.
2-ممارسة هذه المعاملة تشهد بعدم
قدرة العملاء على متابعة العمليات المنفذة بما يجعلهم لا يستطيعون القيام
بالمراقبة.
3-وأن العميل ليس لديه سبيل
يستطيع الاعتماد عليه في معرفة مهنية السماسرة العاملين في هذه المعاملة إلا
بالتعامل معهم.
4-تهدد
هذه المعاملة اقتصاديات الدول بصورة واضحة كما سبق أن ذكرنا.
5-عدم توفر الحماية القانونية في
كثير من الدول للمتعاملين بهذه المعاملة.
6-واقع المعاملة يكشف عن نوع خفي
من التغرير بالعملاء.
6- لا
سيما أن القول بالتحريم قد أيدته مجامع فقهية معتبرة ؛ كمجمع الفقه الإسلامي
الدولي بجدة.
ولذا
نرى تحريم معاملة الفوركس والمنع من الاشتراك فيها؛ لِمَا تشتمل عليه ممارستها من
مخاطر على العملاء والدول.
والله
أعلم